اللقيط

اللقيط

 

 

 

تعريف اللقيط:

هو المولود من والدين مجهولين أو من أم تخلّت عنه ورَمَته في الشارع بعدما أنكر والده علاقته به.

وبحسب المذهب يستحق الطفل اللقيط الشفقة والعناية، ومن وَجَد منبوذاً عليه إسعافه والتقاطه خوفاً من الهلاك. فالمُلتقِط أحقّ بإمساك اللقيط من غيره، وليس لأحد أخذه منه قسراً، ولو كان حاكماً إلا بسبب يوجب ذلك كأن يكون غير أهل لحفطه (مادة 358 حنفي).

قيد اللقيط وفقاً لقانون قيد وثائق الأحوال الشخصية:

إن اللقيط عرّفته المادة 16 من قانون 7/12/1951، وقد جاء فيها:

«على كل شخص يجد طفلاً حديث الولادة أن يسلّمه إلى مختار القرية أو المحلة مع ما يجده على الولد من ملابس والأشياء الأخرى، وأن يبيّن المكان والزمان والظروف التي وجده فيها. وعلى المختار عندئذٍ أن ينظّم محضراً يبيّن العمر الذي يظهر على الولد والعلامات الفارقة، وأن يسلّم الولد مع المحضر إلى إحدى المؤسسات التي تعتمدها وزارة الصحة والإسعاف العام، ويتوجب على هذه المؤسسة أن تنظم وثيقة الولادة وترسلها إلى دائرة الأحوال الشخصية لقيدها في سجلاتها، وفقاً للأحكام السابقة».

ووفقاً لنص هذه المادة على كل مَن يجد طفلاً رضيعاً مرمياً في إحدى زوايا الشارع أو متروكاً في إحدى العيادات الطبية ولا من يسأل عنه أو يهتم به حين تركته أمه وتخلّت عنه خوفاً من العار الذي سوف يلحق بفعلتها. عليه أن يتصل أولاً بمختار المحلة الذي بدوره عليه أن يُعلم القوى الأمنية لمعرفة هوية الفاعل والكشف على تفاصيل الحادثة، لأن رمي الطفل يشكل جريمة موصوفة يعاقب عليها القانون مما يستدعي تدخّل النيابة العامة بالموضوع والاطلاع عليه، وإحالة الملف إلى من يلزم.

وبعد إجراء التحقيقات اللازمة من قِبَل رجال الدرك واستدعاء الشهود والاستماع إلى أقوال المختار، وبناء لإشارة النيابة العامة يصبح الطفل في عهدة قاضي الأموات الذي يقرّر مصيره وله أن يسلّمه إلى مَن يراه مناسباً لكي يضمن له أفضل حماية ورعاية.

أما الجهة التي تتسلّم الطفل تصبح بمثابة الأب الشرعي وتكون مسؤولة عن قيده وتُطلق عليه اسماً له ومن ثم تقوم بتنظيم وثيقة ولادة بعد أخذ توقيع مختار المحلة التي وُجد فيها وتُرسلها إلى قلم النفوس المتضمن تحقيق الدرك وقرار قاضي الأحداث لقيده إدارياً في سجل اللقطاء بعد اطلاع مصلحة النفوس على الملف.

موقف المشرع من العلاقات غير الشرعية:

مع ازدياد التجمعات السكانية في بعض المناطق والأحياء ونتيجة الجهل والفقر بالإضافة إلى أسباب اجتماعية وعائلية، نتج عن ذلك علاقات غير شرعية وإنجاب أطفال مجهولي الوالدين من أرامل ومطلقات وأحياناً من قاصرات دون زواج شرعي. وتسعى كل واحدة منهن إلى التملّص من ولدها سراً خوفاً من العار أو التشهير بها من علاقات غير شرعية خارج مؤسسة الزواج.

لذلك فإن المشرّع أدرك أهمية نتائج هذه العلاقات وتأثيرها على المجتمعات الشعبية، فأوجد حلاً يحفظ سمعة الأم من التشويش وشرف العائلة من التداول عبر المادة 15 من قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية، حيث جاء فيها: «إذا ولد طفل غير شرعي... فلا يجوز لمن ينظم وثيقة ولادة أن يذكر اسم والدة الطفل وكذلك لا يجوز لموظف الأحوال الشخصية أن يذكر اسمها إلا بناء على تصريح منها بكونها أم الطفل...».

وفقاً لهذه المادة لا يجوز لمنظم وثيقة الولادة أو سواه أن يذكر اسم والدة الطفل إلا بناء على طلبها أو بتصريح منها. لذلك فإنه يعود للمرأة التي تشعر بولادة غير شرعية بإمكانها أن تضع ولدها في أي دار توليد، وتوصي بتسليمه إلى إحدى المؤسسات الاجتماعية أو دور الأيتام لرعايته دون أن يعلم بها أحد وتبقى مجهولة الاسم والهوية.

ويمنع على أية جهة أو جمعية أو دار توليد البوح باسمها تحت طائلة المسؤولية والملاحقة القانونية. بحيث تبقى ولادتها طي الكتمان ودون أن يعلم بها أحد.

بهذه الطريقة تكون المرأة قد حافظت على نفسها من الملاحقات القضائية وأبعدت ولدها عن مخاطر الإهمال والموت المحتم بدلاً من رميه في الشارع أو في أي مكان آخر.

في حين أن هناك عائلات كثيرة تنتظر دورها في دُور الأيتام والمؤسسات الاجتماعية للحصول على ولد مهما كان الثمن.

إهمال قيد اللقيط:

يخضع قيد اللقيط لقانون قيد وثائق الأحوال الشخصية الذي أوجب التصريح عن الولادة إلى قلم النفوس بخلال 30 يوماً من تاريخ الولادة وعند التخلف، يغرّم مرتكبها بمبلغ مالي حددته المادة 11 من هذا القانون. جاء فيها:

«بعد انقضاء سنة على تاريخ الولادة لا يمكن قيد المولود إلا بمقتضى قرار قضائي يصدر عن غرفة المذاكرة بناء على طلب النيابة العامة أو صاحب العلاقة».

بذلك أصبحت وثيقة الولادة تبدأ إدارياً وتنتهي قضائياً بالصورة الرجائية دون تدخل الدولة بها في حال أهملت الجهة التي استلمت الطفل قيده في سجل اللقطاء.

دعاوى اللقيط:

إن دعاوى إهمال قيد اللقيط المنوّه عنها في المادة 12 من هذا القانون هي دعاوى نفوس تدخل ضمن اختصاص القاضي المدني المنفرد مادة 86 أ.م.م.

هذا ما أكده المشرّع عندما حسم الفصل بين دعاوى النفوس الخاضعة لقانون قيد وثائق الأحوال الشخصية وبين دعاوى الجنسية المبنية على القرار رقم 15/1925 التي أنيطت بمحكمة البداية دون سواها.

وهي كحالة اللقطاء الذين لم يُعرف نسبهم ولا مكان أو تاريخ ولادتهم وبالتالي لم تتوفر فيهم شروط التقاطهم فتكون محكمة البداية في هذه الحالة مرجعاً وحيداً لقيدهم باعتبارها دعوى جنسية لا دعوى نفوس